المحور الثاني السعي وراء السعادة
مفهوم السعادة المحور الثاني السعي وراء السعادة |
مادة : الفلسفة
مجزوءة : الأخلاق
مفهوم : السعادة
المحور الثاني: السعي وراء السعادة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في هذا المقال سوف نقدم لكم تحليل حول أبرز تصورات الفلاسفة اللذين ناقشوا إشكالية السعي وراء السعادة، حيت شغل هذا الإشكال إهتمام العديد من الفلاسفة كل واحد خرج بتصور خاص به حاول فيه إعطاء أطروحة تعالج هذا الإشكال من أبرز هؤلاء الفلاسفة والذين سوف نتطرق لشرح تصورهم في هذا الموضوع إن شاء الله هم،جون جاك روسوا،أبيقور،سينكا،دافيد هيوم.
مقدمة حول محور السعي وراء السعادة
كل الناس يتصرفون ويسلكون في حياتهم راغبين في تحصيل السعادة واجتناب الألم، إن السعادة باعتبارها حالة ارتياح وتحقيق للرضى التام من طرف الذات، تتباين طرق تحصيلها بتباين مستوى الناس وميولاتهم فهناك من يربطها بالرغبة والميول وهناك من يربطها بتحقيق غايات ومثل عليا ترتبط أحيانا بالأفكار والتصورات التي يؤمنون بها أكثر من ارتباطها بحاجات حسية، لذلك فكثيرا ما نسمع شخصا ما يقول "أنا سعيد" ويربط الفرد هذه السعادة بالفرح أو اللذة التي يحققها بعد حصوله على سيارة مثلا أو هاتف نقال ذكي بينما نجد شخصا آخر سعيدا لأنه يقاوم في سبيل فيم کوئية يناضل عليها ضد عنف السلطة وجورها وهكذا فإن السؤال الذي يظل مطروحا هو :
هل يمكننا أن نكون سعدا إذا حققنا وأشبعنا جميع الرغبات واللذات الحسية ؟
أم أن تحقيق السعادة وتحصيلها يرتبط بإشباع حاجات العقل والروح ؟
و هل تحصيل السعادة بتعبير أدق، يكمن في سلوك طريق اللذة أم في سلوك طريق العقل؟
شرح المواقف الفلسفية في محور السعي وراء السعادة
الأن سوف نقدم لكم أبرز التصورات التي وردت في أطروحات الفلاسفة الدين ناقشوا إشكالية محور السعي وراء السعادة.
موقف جون جاك روسوا السعادة صعبة التحقيق في حالة الثقافة وقد كانت ممكنة في حالة الطبيعة
السعادة بالنسبة لجون جاك روسو موجودة في حالة الطبيعة التي كان الإنسان ينعم فيها بحياة بسيطة، حيث كانت السعادة أمرا ممكنا و متاحا للجميع، وحيث كان بإمكانه أن يلبي حاجاته بشكل سهل و تلقائي، لقد كان بإمكان القرد أن يحقق معادلة متكافئة بين رغباته وقدراته نظرا لأن الرغبات قد كانت بسيطة و بالإمكان تحقيقها، هذه المعدلة لم يعد بالإمكان تحقيقها في حالة المدنية، حيث أصبح الصراع كبيرا مع الواقع و إكراهاته وإشراطاته، لأجل تأمین و جوده و حياته. يقول روسو "لقد كان الإحساس الأول للإنسان، هو الإحساس بوجوده،
و قد كان همه الأول، هو حفظ ذلك الوجود، وكانت منتجات الأرض توفر له كل أسباب البقاءالضرورية ...أما اليوم فقد صار يشقى بفقدانها دون أن يكون سعيدا بتملكها..." وبالتالي حسب روسو فقد أخطأ الإنسان بانتقاله من حالة الطبيعة إلى حالة المدنية.
موقف الفيلسوف أبيقور إشباع اللذات واجتناب الألم أساس الحياة السعيدة
سعى الفيلسوف اليوناني أبيقور للبحث في مفهوم السعادة، ولمقاربتها سعى إلى فهم نقيضها وهو الشقاء، فجنب أسباب الشقاء والألم هو الذي بإمكانه أن يقودنا نحو السعادة، أن نبتعد عن القلق والأوهام والتحرر من الخوف و الموت لأنه ليس مبنيا إلا على خرافات و أساطير. بالنسبة لأبيقور تحقيق السعادة رهين بإشباع اللذات و مادام الإنسان عبارة عن روح و جسد فينبغي إشباع اللذات النفسية حيث ينعم الإنسان بالطمأنينة و اللذات البدنية و يتجنب الألم، لذا ينبغي على طالب السعادة أن يعتبر اللذة غاية كاملة، و أن لا يولي عليها شيئا آخر، ما دام أن تحقيقها كفيل بتجنيب الجسم الألم و النفس الاضطراب، على أن اللذات المقصودة لا تتعلق بالجسم فقط، بل إنها تشمل الجسم و النفس على حد سواء، حيث أن السعادة هي أساس الحياة و غايتها، يقول أبيقور "إن اللثة هي بداية الحياة السعيدة وغايتها " إن اللذات هي التي بإمكانها إبعاد الألم و الإضطراب عن الجسم.
موقف الفيلسوف سينكا السعادة هي تحقيق الأتراكسيا
يعتبر سينكا أن الإنسان السعيد عند الرواقيين عكس الأبيقورية هو القادر على التحرر من سلطة الرغبات والأحاسيس ومطالب العضوية البيولوجية (الغريزة مثلا)، وهو ما يحقق للمرء الطمأنينة (الأتراكسيا) التي تعتبر منتهى الحكمة والسعادة عند الرواقيين، فالإنسان السعيد حسب سينا هو العارف بحقيقة ذاته والذي يجيد استخدام عقله، ويوجه حياته توجيها أخلاقيا مستقيما متحررا من الجسد، فأساس السعادة عند سينكا هو العقل السليم، فالمرء يكون سعيدا كلما أسند تدبير حياته ووجوده للعقل وفي هذا الصدد يقول سينكا "نكون سعداء إذا قبلنا بحاضرنا مهما كان وإذا أحببنا ما نحن عليه، ونكون سعداء أخيرا عندما نترك للعقل مهمة تدبير جميع ما يتعلق بوجودنا" ويضيف سينكا" إننا نسمي الإنسان سعيدا إذا كان مدركا لحقيقته ومتحررا من سيطرة الرغبات والأحاسيس" فالمرء الخاضع لأحاسيسه ورغباته عند سينكا هو شبيه بالبهيمة إلا أن ما يميزها عنه هو افتقارها للعقل وهو يملكه ويسيء استخدامه.
تصور دافيد هيوم حول محور السعي وراء السعادة : السعادة يتم تحصيلها بتهذيب الذوق والتربية الجمالية
يحاول الفيلسوف الإنجليزي دافيد هيوم رسم طريق السعادة، طريق مختلف عن ما قدم في السابق يتجسد في العودة إلى الفن بمختلف أشكاله، و التربية على خلق أذواق بإمكانها الإحساس بهذه الفنون و الإستمتاع بها، ففي هذه الحياة لا توجد فقط أسباب الشقاء، بل هناك كذلك أسباب السعادة التي ينبغي على الناس اكتشافها و التي من بينها تهذيب أذواقنا و أحاسيسنا حيث نشعر بالسعادة من وراء ذلك و نتجنب الشعور بالشقاء و تخرج من عوالمنا الضيقة لننعم بأفاق أكثر جمالا و رحابة، إن الإعلاء من أذواقنا الفنية و أحاسيسنا الجمالية و الرواقية هو ما من شأنه أن يعزز شعورنا بالسعادة و تمثل الإبداع بمختلف ألوانه و أشكاله حيث يقول دافيد هيوم: "لاشيء قادر على شفائنا من رقة الإحساس أكثر من تهذيب ذوقنا ليكون راقيا، ويؤهلنا للحكم على طباع الناس و عبقريتهم و فهم الأعمال الأكثر نبلا ".
تعليقات: (0) (يمكنك التعليق برابط صورة او فيديو)